محمد بوزيدان
بعد مجموعتي القصصية المترجمة “مأساة غريغوريو”، سيصدر لي في شهر رمضان المبارك كتاب “تحت الضغط”، وهو تجميع لذكريات عبرت في مسيرتي الحياتية.
والكتاب من ثلاثة فصول، الأول تحت عنوان: في أحضان الطفولة، بدايةً من مسقط الرأس بالمستشفى الإسباني ونحن نقطن بحومة كولومبيا بالمصلى، التي انتقلنا منها لمرشان وأنا لم أكمل ثلاثة أشهر، وتعريجا على عمل الوالد بصخرة جبل طارق التي سافر إليها سنة 1967، وقبلها بيعه لحليب الماعز في أحياء مدينة طنجة انطلاقا من جامع المقراع إلى القصبة بمعية صديقه وشريكه محمد موح سلام المتزوج من امرأة إسبانية، وطنجة حينها (قبل سنة 1967) تعج بمختلف الديانات والجنسيات. ثم حكاياتي مع الكُتّاب القرآني التابع لمسجد مرشان الذي درست فيه على يد الفقيه اللغميش رحمه الله وكتاتيب أخرى، ومدرسة القادري بسبيلة الجماعة، وروض الطموح لصاحبه التهامي بوعرفة رحمه الله. مع استحضار بعض المغامرات بملعب مرشان حيث إبداع حِيل الدخول لمتابعة مباريات كرة القدم ونحن صغار لا نتوفر على التذكرة، ولازال أثر هراوة أحد أفراد القوات المساعدة على ظهري والحمد لله. وأخرى أيضا بالسينما التوأم “كازاروكابيطول” وما شاهدناه فيهما من أفلام متنوعة. كما أشرت إلى قضاء فصل الصيف بشاطئنا المفضل مرقالة بشخصيتها البارزة والمهيمنة “المْري” رحمه الله، والزهاني والكاريان مع ما يصاحب ذلك من قطع التَيْد والتفاح والإجاص البلدي من أَكلا ذو الطعم اللذيذ، وطبخ طواجين السمك قرب الدار البيطا. وقد سطرت في الكِتاب أيضا بعض هواياتي الطفولية مثل ألعابنا الشعبية الممتعة في حومة الحناط قبل البارابول والهاتف النقال، فقط تلفزة وطنية واحدة وبعض القنوات الإسبانية أما الهاتف فيتوفر عليه بقال الحي ومفتوح لإجراء المكالمات بالمقابل، كنت أهوى كذلك الاستماع للمذياع الذي لم يفارقني لحد الآن، والمراسلة وجمع الطوابع البريدية وعملات مختلف الدول..كما كنت أرتاد الزاوية التيجانية بسبيلة الجماعة والتي وجدت نفسي أحد المسؤولين عنها تطوعا في غياب إمامها حيث تعلمت الأذان وتقدمت إماما في بعض الأحيان، وفي ذلك مجموعة من القصص الطريفة التي سردتها في الكتاب.
القسم الثاني: في غمار العمل الإسلامي والجمعوي، ذكرت فيه تجربتي بحركة التوحيد والإصلاح منذ انتمائي لها سنة 1988، في عملها التلمذي وأنا لازلت تلميذا بإعدادية ابن الابار وقصة أول مجلة حائطية بها بالتنسيق مع المرحوم علي الزناكي الحارس العام عليه رحمة الله الواسعة، والعمل الطلابي وقد كان فصيلنا الوحدة والتواصل أول فصيل يعلن عن نفسه رسميا بكلية الحقوق بطنجة وسط معارضة كبيرة من الطلبة ومضايقة إدارة الكلية. كما شغلت مهمة الكاتب العام لأكثر من ولاية بجمعية الإشعاع للتربية والثقافة وكانت واجهةً للحركة قبل حصولها على وصل الإيداع وجمعية الرسالة فيما بعد وقد واكبت الخطوات الأولى لتأسيسها بطنجة، جمعية الإشعاع بمخيماتها الصيفية حيث حصلنا على أول دعم لوزارة الشبيبة والرياضة وهو عبارة عن أرضية عارية بمخيم الغابة الدبلوماسية، مما حتم علينا تركيب الخِيم الكبيرة وحفر المرافق الصحية تحت لهيب أشعة الشمس الحارقة، وأسابيعها الثقافية خاصة منها الرمضانية، وتعرفي على جمعية رسالة الطالب ورئيسها مصطفى بنمسعود رحمه الله، الذي وقعت لي معه بعض الحكايات بدار الشباب حسنونة، ثم تطرقت في هذا الفصل لمساهمتي في تأسيس جمعية مرشان وتنسيقنا مع ساكن حي مرشان الكبير العراقي نزار النقيب المحب لفعل الخير والإحسان رحمه الله. كما عرّجت على تنسيقية السلوقية ومرصد حماية البيئة وظروف تأسيسهما وجمعهما للطيف السياسي والنقابي والجمعوي لمدينة طنجة في تنسيق عجيب وناجح. وفي هذا الفصل تحدثت عن تجربتي حينما مكلفا بمكتب التواصل البرلماني للنائبين عبد الله اشبابو ومحمد نجيب بوليف وهي مهمة عسيرة، حيث كان المكتب مفتوحا في وجه جميع المواطنين طيلة أيام الأسبوع لتلقي شكاواهم والتنسيق في حلها مع الإدارات المختلفة.
أما القسم الأخير: الكاتب الإقليمي لشبيبة العدالة والتنمية بمدينة طنجة: حيث انتخبت لهذه المسؤولية من سنة 2009 إلى سنة 2013، وقد صادفت هذه الفترة ظهور حركة لكل الديموقراطيين التي تحولت فيما بعد للحزب الذي أطلق عليه ” الوافد الجديد”، الذي أشيع حينها أنه سيهيمن على الحياة السياسية، أما بقية الأحزاب فإنها ستلعب دور الكومبارس. كانت مسؤوليتي على الشبيبة مليئة بالمصاعب بحكم أننا العدو الأول للحزب الجديد، وهذا ما أعلنه مؤسسوه حينها، لذلك قوبلت جميع أنشطتنا بالعرقلة والتسويف، فمنعت حملة التبرع بالدم التي قدمنا طلبًا لترخيصها مع العلم أن الخصاص كان مهولا في تلك الفترة، لكن المنع كان هو الرد رغم اتصالي بالمدير المركزي لمراكز تحاقن الدم بالرباط، كما خضعتُ لتحقيق الشرطة دام لساعات عقب عدم الترخيص لإقامة خيمة صحراوية وتوزيعنا لبيان ناري في أحياء مدينة طنجة، وبعد الإصرار منحتنا السلطات الترخيص وأقمنا الخيمة لمدة ثلاثة أيام.
استضفنا أيضا المعتقل السياسي السابق المفضل المغوتي رحمه الله، في أول خروج له بعد اعتقال في تازمامارت دام ما يناهز عشرين سنة وهو النشاط الذي تتبعه مجموعة من المعتقلين السياسيين السابقين بقاعة غرفة الصناعة التقليدية برأس المصلى، كما استقبلنا كشبيبة طنجة وفدا من شبيبات تركيا، ونظمنا الملتقى الوطني الثامن سنة 2012، وما أدراك ما الملتقى الوطني الذي كان يستقطب حينها آلاف الشباب من مختلف مدن المغرب، والجامعة الصيفية بأصيلة التي استضفنا فيها محمد الفيزازي عقب خروجه من السجن وما شكله ذلك من استنفار أمني على اعتبار أن الرجل لم يفصح بعد عن توجهه الجديد. كما تكلفنا كشبيبة بتغطية مكاتب التصويت في الانتخابات الجماعية والتشريعية، حيث بلغ عددها حينها 679 مكتبا، ومن الأعمال التي أفتخر بها أننا نظمناها بمقر الحزب دروس الدعم والتقوية للتلاميذ والطلبة مجانا.
الكتاب من تقديم : عبد العالي حامي الدين وفيصل الأمين البقالي